(عن دافـــا)

لـــون يـــو

 

دافا هي حكمة الخالق. هي أصل فتق السماء والأرض، وأصل الخلق، وتحوّلات الكون ؛ وهي تشمل كل الأشياء، من أصغر الأشياء حجما إلى أكبر ما يوجد، وفي الحين نفسه هي تتجلى بطريقة مختلفة في كلّ طبقات الوجود المختلفة للأجرام السماوية. من أعماق الوجود إلى حيث تبدأ أصغر الجزيئات بالظهور، وإلى طبقات تليها طبقات من الجزيئات التي لا تعد ولا تحصى، من الصغير إلى الكبير، وصولا إلى الذرات، الجزيئات، الكواكب، والمجرات التي تعرفها الإنسانية في الطبقات الخارجية، وإلى ما هو أكبر- جزيئات من مختلف الأحجام تكوّن عوالم من مختلف الأحجام متناثرة في كل مكان في الأجرام السماوية في الكون. المخلوقات التي توجد في مختلف الطبقات ترى الجزيئات التي هي أكبر من جزيئات طبقتها كواكب في سمائها، وهذا الأمر ينطبق على كل طبقة. بالنسبة للمخلوقات في كل طبقة من طبقات الكون، يبدو وكأن هذا الأمر يتواصل إلى ما نهاية. إن الدافا هي من خلق الزمان والمكان، وذلك العدد الوافر من المخلوقات والأجناس، وكل الخليقة، كل ما يوجد إنما هو مدين لها بوجوده، ولا شيء خارج عنها. كل هذه إنما هي التجليات المحسوسة، في طبقات مختلفة لصفات الدافا : جان شان ران.

مهما كانت طرق البشرية في استكشاف الكون واستكناه الحياة متقدمة، فإن المعرفة التي تم تحصيلها هي بمثابة النظر إلى جزء محدود من الفضاء الذي تسكن فيه الكائنات البشرية، والموجود في طبقة دنيا من الكون. في بعض حضارات ما قبل التاريخ اكتشف البشر كواكب أخرى. ولكن مع كل الارتفاعات والمسافات التي قطعوها لم تصل البشرية أبدا إلى الخروج من البعد الذي توجد فيه.  لن يكون بإمكان البشرية أبدا معرفة الصورة الحقيقية للكون. إن أراد كائن بشري أن يفهم ألغاز الكون، الزمان والمكان، والجسم البشري، فعليه أن يسلك طريق التعهد في شريعة حقيقية، وأن يصل إلى اليقظة الحقيقية، رافعا بذلك مستوى وجوده. من خلال التعهد سترتفع أيضا  طبيعته الأخلاقية، وبعد أن يصبح قادرا على التمييز بين ما هو حقا جيد وبين السيء، وبين الفضيلة والرذيلة، ويرتفع فوق طبقة البشر، فسوف يرى ويدخل في اتصال مع الكون الحقيقي، ومع  مخلوقات الأبعاد الأخرى والطبقات الأخرى.

كثيرا ما يدّعي البشر أن اكتشافاتهم تهدف إلى تحسين نوعية العيش، في حين أن ما يحفزهم في الواقع هو المنافسة التكنولوجية. وفي معظم الأحيان هي لم تأت إلاّ بعد أن تخلى الناس عن كل ما هو إلهي وتخلوا عن القواعد الأخلاقية التي تهدف إلى ضبط النفس ؛ هذه الأسباب كانت وراء تعرّض حضارات من الزمن الماضي مرات عديدة للدمار. ولكن اكتشافات الناس تنحصر بالضرورة في هذا العالم المادي، والوسائل المتوخّاة تتمثل في كون أن ما وقع التعرف إليه هو فقط ما تتم دراسته. في حين أن الأشياء غير الملموسة وغير المرئية في البعد البشري، ولكنها مع ذلك موجودة بصفة موضوعية وتظهر للبشر بشكل حقيقي في هذا العالم الحالي- مثل الروحانية، الإيمان، الكلمات الإلهية والمعجزات – يُنظر إليها على أنها مواضيع محظورة، لأن الناس أقصوا من حياتهم الجانب الإلهي.

إن كان الجنس البشري قادرا على اتخاذ القيم الأخلاقية أساسا لتحسين طبعه، وسلوكه، ومفاهيمه، فسيكون من الممكن للحضارة أن تدوم وللمعجزات أن تظهر من جديد في العالم البشري. حدث مرّات عديدة في الماضي أن ظهرت ثقافات نصف- إلهية نصف- بشرية، ساعدت الناس على السموّ بفهمهم الحقيقي للحياة والكون. عندما يُبرهن الناس على الاحترام والتقدير اللازمين تجاه تجلّي دافا في هذا العالم، فإن جنس البشر، والأمم، والبلدان ستحظى جميعها بنعم وبشرف وبمجد. دافا الكون هي من خلق الجرم السماوي والكون والحياة وكل الخليقة. أي مخلوق يُعرض عن الدافا ويبتعد عنها هو فاسد حقا ؛ أي شخص في هذا العالم بمقدوره أن يضع نفسه على خطى دافا هو حقا شخص جيد، وفي نفس الوقت هذا يمكن أن يجلب له الجزاء الحسن وسينعم بالصحة والسعادة ؛ وكل ممارس بمقدوره أن يصير واحدًا مع الدافا فهو إنسان نال الطاوو، إله.<.                                                                      

                                                                                     

لي هونق جي،

24 مايو 2015